فصل: فصل: أسئلة وأجوبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل: أسئلة وأجوبة:

السؤال الأول عن واحد لا ثاني له.
وعن دين لا يقبل الله غيره.
وعن مفتاح الصلاة وبم تختم.
وعن غراس الْجَنَّة وعن صلاة كُلّ شَيْء.
وعن أربعة فيهم الروح ولم يكونوا في أصلاب الرِّجَال ولا أرحام النساء.
وعن رجل لا أب له.
وعن رجل لا أم له ولا أب.
وعن حيوان جرى بصاحبه.
وعن بقعة من الأَرْض طلعت عَلَيْهَا الشمس مرة واحدة ولم تطلع عَلَيْهَا قبل ذَلِكَ ولا بعده.
وعن ظاعن ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها.
وعن شجرة نبتت على إنسان.
وعن شَيْء يتنفس ولا روح له.
وعن الحكمة في المحو الَّذِي في القمر.
وعن ميت مَاتَ ألف شهر ومائتي شهر.
وعن جبل ارتفع ثُمَّ رجع.
وعن إثنان لا ثالث لهما.
وخمسة لا سادس لها.
وستة لَيْسَ لها سابع.
وسبعة لَيْسَ لها ثامن.
وثمانية لا تاسع لها.
وتسعة لا عاشر لها.
وعشرة لَيْسَ لَهُمْ حادي عشر.
وثلاثة عشر لا رابع عشر لَهُمْ.
وعن أحب كلمة إِلَى اللهِ.
وما الموضع الَّذِي لَيْسَ له قبلة.
وعن شَيْء حل بعضه وحرم بعضه.
وعن نبي نهى الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يعمل عمله.
وعن من بعثه الله ولَيْسَ من بني آدم ولا من الجن ولا من الملائكة.
وعن نفس ماتت وضربت ببعضها ميت فحيا بإذن الله.
وعن كافر لم تأكل الأَرْض لحمه.
وعن نفس خرجت من نفس ولا نسبة بينهما.
وعن اثنين تكُلَّما في الدهر مرة واحدة فقط ثم هما سكوت إلى يوم القيامة.
وعن أنفع كلمة وأرفع وأحسن كلمة وأزكى كلمة.
وعن جماعة شهدوا الحق وهم كاذبون.
وعن جماعة شهدوا الحق فأدخلوا النار ومن شهدوا عليه.
وعن شَيْء على الأَرْض من الْجَنَّة.
وعن صيدين صادهما رجل فحل أحدهما له وحرم عَلَيْهِ الآخِر.
وعن امرأة أوحى الله إليها.
وعن خمسة مشوا على وجه الأَرْض ولم يولدوا.
وعن أم لم تولد.
وعن ماء لم يذكر أنه نبع من الأَرْض ولم يذكر أنه نزل من السماء.
ج: الجواب الواحد لا ثاني له: فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه، وأما الدين الَّذِي لا يقبل الله غيره: فدين الإسلام الله تَعَالَى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ}.
وأما مفتاح الصَّلاة فالتكبير وتختم بالتسليم.
وأما غراس الْجَنَّة فسبحان الله والحمد لله ولا إله إِلا الله والله أكبر.
وأما صلاة كُلّ شَيْء: سبحان الله وبحمده.
وأما الَّذِي فيهم الروح ولم يكونوا في أصلاب الرِّجَال ولا أرحام النساء: فهم آدم وحواء وناقة صالح عَلَيْهِ السَّلام وعصا مُوَسى لما قلبها الله حية والكبش الَّذِي فدى به إبراهيم ابنه قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم}.
وأما الموضع الَّذِي لَيْسَ له قبلة: فظهر بيت الله، أي سطح الكعبة.
وأما الرجل الَّذِي لا أب له: فعيسى عَلَيْهِ وعلى نبينا السَّلام.
وأما الرجل الَّذِي لا أم له ولا أب: فآدم عَلَيْهِ السَّلام.
وأما الْحَيَوَان الَّذِي جرى بصاحبه: فالحوت الَّذِي سار بيونس في البحر.
وأما البقعة التي طلعت عَلَيْهَا الشمس مرة واحدة: فأرض البحر الَّذِي فلقه الله لمُوَسى ومن معه من بني إسرائيل.
وأما الاثنان اللذان لَيْسَ لهما ثالث: فالليل والنَّهَارَ.
وأما الثالث التي لَيْسَ لها رابع فالطلاق الثالث.
وأما الخمسة التي لا سادس لها: فالصلوات الخمس المفروضة.
وأما الستة اللذين لا سابع لَهُمْ: فالأيام التي خلق الله فيه السماوات والأَرْض.
وأما السبعة التي لا ثامن لها: فأيام الأسبوع.
وأما الثمانية الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ تاسع: فحملة العرش يوم القيامة. قال الله جل وعلا: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}.
وأما التسعة اللذين لا عاشر لَهُمْ: فالتسعة الرهط الَّذِينَ ذكرهم الله في سورة النمل. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وأما العشرة التي لَيْسَ لها حادي عشرة: فقوله تَعَالَى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}.
وأما الإحد عشر: فإخوة يوسف.
وأما الإثنا عشر: فشهور السنة.
وأما الثلاثة عشر: فإخوة يوسف وأبوه وأمه.
وأما أحب كلمة إِلَى اللهِ: فكلمة الإِخْلاص: لا إله إِلا الله.
وأما الشَيْء الَّذِي أحل بعضه وحرم بعضه: فهو نهر طالوت قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}.
وأما الَّذِي بعثه الله ولَيْسَ من الإنس ولا من الملائكة ولا من الجن فهو الغراب قال الله تَعَالَى: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ}.
وأما النفس التي ماتت وضرب ببعضها ميتًا آخر فحيا بإذن الله فهي بقرة بني إسرائيل قال الله جَلَّ وَعَلا: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى}.
وأما الشجرة التي نبتت على إنسان: فالتي أنبتها الله على يونس ابن متى قال تَعَالَى: {وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ}.
وأما النفس التي دخلت في نفس أخرى وخرجت ولَيْسَ بينهما مناسبة فهو يونس بن متى عَلَيْهِ السَّلام دخل في بطن الحوت وخَرَجَ قال تَعَالَى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ}.
وأما الكنز من كنوز الْجَنَّة فلا حول ولا قوة إِلا بِاللهِ كما في الْحَدِيث.
وأما الماء الَّذِي لم يذكر أنه نبع من الأَرْض ولم يذكر أنه نزل من السماء فالماء الَّذِي نبع بين أصابع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأما الحكمة التي في محو آية الليل القمر فالله أعلم بأنه لأجل تمييز الليل من النَّهَارَ ولمنافع أخرى تتعلق بالنَّبَات والزروع والأشجار والثمار.
وأما النَّبِيّ الَّذِي نهى الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يعمل مثل عمل عمله فهو يونس قال الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}.
وأما الشهود الَّذِي شهدوا الحق وهم كاذبون: فهم المنافقون، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
وأما الشهود الَّذِي شهدوا بالحق وأدخلوا النار ومن شهدوا عَلَيْهِ: فالجوارح، قال الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الآيات.
وأما الجبل الَّذِي ارتفع وعاد فجبل الطور أعاده الله قال الله جَلَّ وَعَلا: {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}.
وأما الكافر الَّذِي لم تأكل الأَرْض لحمه فقارون.
وأما الَّذِي في الأَرْض وَهُوَ من الْجَنَّة: فالحجر الأسود.
وأما الصيدان اللذان صادهما رجل فأحل له أحدهما وحرم عَلَيْهِ الآخر: فمحرم صاد صيدين من البر واحد ومن البحر واحد فالَّذِي من البر حرامٌ والَّذِي من البحر حلال.
وأما الَّذِي مَاتَ ألف شهر ومائتي شهر ثُمَّ أحياه الله: فالعزيز عَلَيْهِ السَّلام، قال الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ}.
وأما المرأة التي أوحى الله إليها: فأم مُوَسى، قال الله جَلَّ وَعَلا: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}.
وأما الأم التي لم تولد: فحواء عَلَيْهِ السَّلام.
وأما الأم التي لم تلد: فمَكَّة المكرمة أم القرى قال الله جَلَّ وَعَلا: {لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى} اهـ. انتهى.
فَصْلٌ: سئل الشَّافِعِي عن رجلين خطبا امرأةً فحلت لإحداهما ولم تحل للآخر. فَقَالَ: إن الَّذِي لم تحل له أربع زوجات فحرمت عَلَيْهِ الخامسة.
س: فَقَالَ ما تَقُول في رجلين شربا خمرًا فوجب على أحدهما الحد ولم يجب على الآخِر وكانَا مسلمين؟ فَقَالَ: إن أحدهما حرًا بالغًا فوجب عَلَيْهِ الحد والآخِر صغير لم يبلغ.
س: قال: فما تَقُول في خمسة زنوا بامرأة فوجب على أحدهم القتل وعلى الآخِر الرجم، وعلى الثالث الحد، وعلى الرابع نصف الحد، ولم يجب على الخامس حد؟
فَقَالَ: أما الأول: فمشرك زنى بمسلمة فوجب عَلَيْهِ القتل، وأما الثاني: فمسلم محصن زنى فوجب عَلَيْهِ الرجم، وأما الَّذِي وجب عَلَيْهِ الحد: فمسلم بكر زنى.
وأما الرابع: فمملوك زنى فوجب عَلَيْهِ نصف الحد، وأما الَّذِي لم يجب عَلَيْهِ شَيْء: فالصبي، والمجنون.
س: قال: فما تَقُول في رجل أخذ كأسًا من ماء فشرب بعضه وحرم عَلَيْهِ الباقي؟ قال: هَذَا لما شرب بعضه وقع على الباقي نجاسة فحرم عَلَيْهِ.
س: قال: فما تَقُول في رجل دفع إلى امرأته كيسًا مختومًا وَقَالَ لها: أَنْتَ طالق إن لم تفرغيه، ولا تفتحيه، ولا تفتقيه، ففرغته على ذَلِكَ الحكم ولم يلحقها طلاق؟
فَقَالَ: إن الكيس مملوءًا سكرًا أو ملحًا فوضعته في الماء فذاب وتفرغ.
س: قال: فما تَقُول في جماعة صلحاء سجدوا لغير الله تَعَالَى وهم في فعلهم مطيعون؟ قال: الملائكة سجدوا لآدم.
س: قال: فما تَقُول في رجل لقي جارية فقبلها وَقَالَ: فديت من أبي جدها، وأخي عمها، وأنَا زوج أمها فما تكون منه؟ قال: هِيَ ابنته.
س: قال: فما تَقُول في امرأة لقيت غلامًا فقبلته قَالَتْ: فديت من أمي وَلَدَتْ أمَّهُ، وأخو زوجي عمه، وأبو ابن حماتي، وأنَا امرأة أبيه؟ قال: هِيَ أُمُّهُ.
س: وَقَالَ: ما تَقُول في رجل تزوج امرأة وزوج ابنه أمها فجاءت الأم والبنت بولدين، فما يكون الولد من ذَلِكَ وَذَلِكَ؟ فَقَالَ: ابن الأم خال لابن البنت، وابن البنت عم لابن الأم.
س: وَقَالَ: ما تَقُول في رجل مَاتَ وخلف ستمائة درهم وله من الورثة أخت فأصابها درهم واحد؟
فَقَالَ: هَذَا شخص مَاتَ وخلف ستمائة درهم، وترك بنتين أصابهما الثلثان أربعمائة درهم وخلف والدته أصابها السدس مائة درهم، وخلف زوجة أصابها الثمن، وَهُوَ خمس وسبعون درهمًا، وله اثنا عشر أخًا لكل واحد منهما درهمان، ففضل للأخت درهم.
وَقَالَ آخر ملغزًا:
تَزَوَّجَ شَخْصٌ أَمْ شَخْصٍ وَأُخْتَهُ ** كَذَا أُخْتَهُ الأُخْرَى وَلَيْسَ بِبَاطِلِ

وَشَخْصٌ أَتَى أَيْضًا بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ ** وَقَالُوا لَهُ أَجْرٌ لَدَى كُلِّ فَاضِل

وَقَالَ آخر:
أَلا فَاسْأَلُوا مَنْ كَانَ بِالْعِلْمِ بَارِعًا ** وَفِي الْفِقْهِ أَفْنَى عُمْرَهُ بِابْتِذَالِهِ

عَنِ الْمَرْءِ يُوصِي قَاصِدًا وَجْهَ رَبِّهِ ** لِزَيْدٍ كَمَا سَمَّاهُ مِنْ ثُلْثِ مَالِهِ

فَإِنْ يَكُنْ الْمُوصَى لَهُ مُتَمَوِّلاً ** دَفَعْنَا لَهُ الْمُوصَى لَهُ بِكَمَالِهِ

وَإِنْ كَانَ ذَا فَقْرٍ وَقَلٍّ وَفَاقَةٍ ** حَرَمْنَاهُ ذَاكَ الْمَالَ فَارْثَ لِحَالِهِ

أَيُحْرَمُ ذُو فَقْرٍ وَيُعْطَاهُ ذُو الْغِنَى ** وَلا تَسْتَنِدْ إِلا لِعِزِّ جَلالِهِ

فَلا تَعْتَمِدْ إِلا عَلَى اللهِ وَحْدَهُ ** وَلا تَسْتَنِدْ إِلا لِعِزِّ جَلالِه

اللَّهُمَّ أعطنا من الْخَيْر فوق ما نرجو واصرف عنا من السُّوء فوق ما نحذر. اللَّهُمَّ علق قلوبنا برجائك واقطع رجاءنا عمن سواك. اللَّهُمَّ إنك تعلم عيوبنا فاسترها وتعلم حاجتنا فاقضها كفى بك وليًا وكفى بك نصيرًا. يا رب العالمين اللَّهُمَّ وفقنا لسلوك سبيل عبادك الأخيار وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْلٌ: ذكر أنه لما دخل هارون الرشيد الحرم الشريف ابتدأ بالطواف ومنع النَّاس من الطواف.
فسبقه أعرابي وجعل يطوف معه فشق ذَلِكَ على هارون والتفت إلى حاجبه كالْمُنْكَر عَلَيْهِ.
فَقَالَ الحاجب: أخل المطاف لأمير الْمُؤْمِنِين فَقَالَ الأعرابي: إن الله ساوى بين الأنام في هَذَا المقام والبيت الحرام.
فَقَالَ تَعَالَى: {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فَلَمَّا سمَعَ الرشيد ذَلِكَ من الأعرابي أمر حاجبه بالكف عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ الرشيد إلى الحجر الأسود ليستلمه.
فسبقه الأعرابي فاستلمه ثُمَّ أتى إلى المقام ليصلى فيه فسبقه الأعرابي فصلى فيه.
فَلَمَّا فرغ الرشيد من صلاته قال للحاجب: ائتني بالأعرابي فأتى الحاجب الأعرابي وَقَالَ له: أجب أمير الْمُؤْمِنِين.
فَقَالَ: ما لي إليه حَاجَة إن كانَتْ له حَاجَة فهو أحق بالقيام إليها فانصرف الحاجب مغضبًا فأبلغ الرشيد ما قاله الأعرابي.
فَقَالَ الرشيد: صدق نَحْنُ أحق بالقيام والسعي إليه ثُمَّ نهض إليه حتى وقف بإزاء الأعرابي وسلم عَلَيْهِ فرد السَّلام.
فَقَالَ له الرشيد: يا أخا الْعَرَب أأجلس هنا بأمرك، فَقَالَ الأعرابي: لَيْسَتْ البيت بيتي، ولا الحرم حرمي، البيت بيت الله، والحرم حرم الله ونَحْنُ فيه سواء إن شئت تجلس وإن شئت تنصرف.
فعظم جواب الأعرابي على الرشيد حيث سمَعَ كلامًا لم يخطر على باله أن أحدًا يواجهه به فجلس إلى جنبه.
وَقَالَ له: يا أعرابي أريد أن أسألك عن فرضك فإن قمت به فأَنْتَ بغيره أقوم وإن عجزت عَنْهُ فأَنْتَ عن غير أعجز.
فَقَالَ الأعرابي: سؤالك هَذَا سؤال متعلم أو سؤال متعنت، فعجب الرشيد من سرعة جوابه، وَقَالَ: بل سؤال متعلم.
فَقَالَ الأعرابي: قم واجلس مقام السائل من المسئول. قال: فقام الرشيد وجثى على ركبتيه بين يدي الأعرابي.
فقال: قد جلست. قال: سل عما بدا لك فقال: أخبر عن فرض الله عليك.
فَقَالَ له: تسألني عن أي فرض؟ أعن فرض واحد؟ أم عن خمسة فروض؟ أم عن ستة عشر فرضًا؟ أم عن أربعة وثلاثين فرضًا؟
أم عن أربعة وتسعين فرضً؟ أم عن واحد من أربعين؟ أم عن واحدة في العمر؟ أم عن خمسة من مائتين؟ فضحك.
ثُمَّ قال: سألتك عن فرض فأتيتني بحساب الدهر.
فَقَالَ: يا هارون لولا إن الدين حساب لما أخذ الله الخلائق بالحساب يوم القيامة قال الله جَلَّ وَعَلا: {فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}.
قال: فبدا الْغَضَب في وجه هارون حيث كلمه باسمه ولم يقل يا أمير الْمُؤْمِنِين، ثُمَّ قال له: فسر لي ما قُلْتُ.
فَقَالَ الحاجب: لما رأى غضب الرشيد: أعف عَنْهُ يا أمير الْمُؤْمِنِين، وهبه لله في هَذَا المقام الشريف.
فضحك الأعرابي من قولهما فَقَالَ له الرشيد: مم تضحك؟ قال: عجبًا منكما فإن أحدكما كما يستوهب أجلاً في عقله أنه قَدْ حظر، والآخِر يستعجل أجلاً لم يحظر.
فَلَمَّا سمَعَ الرشيد ذَلِكَ هانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قال له: سألتك بِاللهِ أن تفسر ما قُلْتُ فقَدْ تشوَقْت إلى شرحه.
فَقَالَ الأعرابي: أما سؤالك عما فرض الله عليّ فقَدْ فرض علي فروضًا كثيرة.
فأما الفرض الواحد فهو: دين الإسلام.
وأما الخمسة الفروض فهي: الصلوات الخمس.
وأما السبعة عشر فهي: عدد ركعات الفرض الخمس: الصبح اثنتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع.
وأما الأربع والثلاثين فهي: سجدات الصلوات الخمس.
وأما الأربع والتسعين فهي: التكبيرات في الصلوات الخمس.
وأما الواحدة من أربعين: فهي الزَّكَاة: ربع العشر دينار من أربعين دينارًا، وشاة من أربعين شاة.
وأما الواحدة في العمر: فهي حجة الإسلام.
وأما الخمسة من المأتين: فهي زكاة الفضة. وتسمى: الورق.
فَسُرَّ الرشيد من تفسير هذه المسائل ومن ذكاء الأعرابي وفطنته وإجابته.
ثُمَّ أمر له بعشرة الآف درهم، فَقَالَ: لا حَاجَة لي بها ردها إلى أصحابها، فَقَالَ له: أتريد أن أجري لك جراية تكفيك مدة حياتك.
قال: الَّذِي أجرى عَلَيْكَ يجري علي.
قال: فإن كَانَ عَلَيْكَ دين قضيناه فلم يقبل منه شَيْئًا لله دره على هذه العفة هَذَا من رقم (1) في الزهد والورع ياليت هَذَا الطراز يوجد.
ثُمَّ أنشأ يَقُولُ:
هَبِ الدُّنْيَا تُوَاتِينَا سِنِينَا ** فَتَكْدُرُ تَارَّةً وَتَلِينُ حِينَا

فَمَا أَرْضَى بِشَيْءٍ لَيْسَ يَبْقَى ** وَأَتْرُكُهُ غَدًا لِلْوَارِثِينَا

كَأَنِّي بِالتُّرَابِ عَلَيَّ يُحْثَى ** وَبِالإِخْوَانِ حَوْلِي نَائِحِينَا

وَيَوْمَ تَزْفُر النِّيرَانُ فِيهِ ** وَتُقْسِمُ جَهْرَةً لِلسَّامِعِينَا

وَعِزَّةِ خَالِقِي وَجَلالِ رَبِّي ** لانْتَقَمْنَ مِنَ الْعُصَاةِ أَجْمَعِينَا

لغز في الأَرْض:
وَأُمٌّ أَوْلادُهَا فَوْقَ ظَهْرِهَا ** وَفِي بَطْنِهَا أَعْجِبْ بذَلِكَ مِنْ أَمْرِ

أَحَلُّو بِإِجْمَاعِ الأَئِمَّةِ وَطْأَهَا ** وَمَا مِنْ جَمَاعِ قَدْ أَتُوهُ وَلا نُكْرِ

إِذَا حَمَلَتْ مِنْهُمْ بِشَخْصٍ فَلا يُرَى ** لَهُ صُورَةٌ حَتَّى الْقِيَامَةِ وَالْحَشْر

في ميزان:
وَقَاضِي قُضَاةٍ يَفْصِلُ الْحُكْمَ سَاكِتًا ** وَبِالْحَقِّ يَقْضِي لا يَبُوحُ فَيَنْطِقُ

قَضَى بِلِسَانٍ لا يَمِيلُ وَإِنْ يَمِلْ ** عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فَهُوَ مُصَدَّقُ

وفي سمَكَّة:
وَذَاتُ جَنَاحٍ لا تَطِيرُ وَلا تَمْشِي ** تُصَادُ وَلَيْسَتْ فِي الطُّيُورِ وَلا الْوَحْشِ

عَلَيْهَا قَمِيصٌ مِن لُجَيْنٍ مُدَبَّجَ ** يُحَاكِي فُصُوصَ الْجَوْشَنِ الْمُحْكَم النَّقْش

تَسِيرُ وَلا يَدْنُو مِن الأَرْض جِسْمُهَا ** وَتَسْبِقُ إِنْ شَاءَتْ أَخَا الأَيْدِ وَالْبَطْش

وفي الْقَلْب:
أَيَا عُلْمَاءَ النَّاسِ هَلْ تُخْبِرُونَنِي ** عَنِ الرَّائِحِ الْغَادِي الْمُقِيمِ الْمُسَافِرِ

يَجُوبُ نَوَاحِي الأَرْضِ فِي عُشْرِ سَاعَةٍ ** وَفِي الْوَكْرِ لَمْ يَبْرَحْ وَلَيْسَ بِطَائِر

في آدم:
وَذِي حَسَبٍ فِي النَّاسِ لا يُنْكِرونَهُ ** وَلَيْسَ لَهُ فِي النَّاسِ أُمٌّ وَلا أَبُ

وفي آدم وعيسى والقمر:
عَجِبْتُ لِمَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ ** وَذِي وَلَدٍ مَا إِنْ لَهُ أَبَوَان

وآخر:
وَيَكْمُلُ فِي خَمْسِ وَعَشْرٍ شَبَابَهُ ** وَيَهْلِكُ فِي سَبْعِ مَعًا وَثَمَان

في يونس عَلَيْهِ السَّلام:
وَمَا حَيّ بَدَا مِنْ بَطْنِ حَيٍ ** تَمَامًا ذَلِكَ الْعَجَبُ الْعَجِيبُ

فَعَاشَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا وِصَالٌ ** وَلا نُعْمَى وَلا نَسَبٌ قَرِيبُ

في الحجر الأسود:
وَأَسْوَدُ لا تَلْقَاهُ إِلا بِسَجْدَةٍ ** وَتَقْبِيلة أَوْ مَسْحَةٍ بِالأَصَابِعَ

تَرَى الْمَلِكَ الْجَبَّارَ يَعْنُو لِوَجْهِهِ ** جَلالاً وَيَلْقَاهُ بِرَهْبَةِ خَاضِعَ

انتهى.
يَا مَنْ يُعِدُ غَدًا لِتَوْبَتِهْ ** أَعَلَى يَقِينٍ مِنْ بُلُوغِ غَد

الْمَرْءُ فِي زَلَلٍ عَلَى أَمَلْ ** وَمَنِّيَةُ الإِنْسَانِ بِالرَّصْدِ

أَيَّامَ عُمُركَ كُلَّهَا عَدَدْ ** وَلَعَلَّ يَوْمَكَ آخِرُ الْعَدَد

يا أخي التوبة قبل أن تصل إليك النوبة، الإنابة قبل أن يغلق باب الإجابة، الإفاقة فيا قرب وَقْت الفاقة، إنما الدُّنْيَا سوق للتجر ومجلس وعظ للزجر وليل صيف قريب الفجر، المكنة مزنة صيف، الفرصة زورة طيف، الصحة رقدة ضيف، والغرة نقدة زيف، الدُّنْيَا معشوقة وكيف، البدار البدار فالوَقْت سيف.
يا غافلاً عن مصيره، يا واقفًا في تقصيره سبقك أَهْل العزائم وأَنْتَ في اليقظة نائم، قف على الْبَاب وقوف نادم، ونكس رأس الذل وقل أَنَا ظَالِم وناد في الأسحار مذنب وواهم، وتشبه بالقوم وإن لم تكن مِنْهُمْ وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمَعَ ساجم، قم في الدجا نادبا، وقف على الْبَاب تائبًا، واستدرك من العمر ذاهبًا، ودع اللهو والهوى جانبًا، وإذا لاح الغرور رأى راهبًا، وطلق الجنيا إن كنت للأخرى طالبًا.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ وقو محبتك في قلوبنا واشرح صدورنا ونورها بنور الإِيمَان وَاجْعَلْنَا هداة مهتدين وألهمنا ذكرك وشكرك وَاجْعَلْنَا ممن يفوز بالنظر إلى وجهك في جنات النَّعِيم يا حليم ويا كريم وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.